"إياد"وصل للتوهج الفنى"وقفّل"شخصية سيدالعجاتى الضابط الذى لم يعرف الحب

تناديه والدته يا حبيبى فيصمت وكأنه لأول مرة يسمع تلك الكلمة.. ويعرف أنها تحبه ويبدأ مشهد مكاشفة ومصارحة بين الأم تجسدها بعبقرية معالى زايد وابنها ضابط مباحث الآداب يجسده بإتقان إياد نصار، والذى كان يعتقد أنه بالنسبة لأمه مجرد ابن يحمل اسمها فى حين أنها تفضل أشقاءه، وتروى له الأم كيف أنها قررت ألا تحب أحدا وتتعلق به إلى درجة كبيرة لأن كل من تحبهم يموتون، وسبق أن فقدت 2 من أبنائها قبل ممدوح الذى مات أيضا بعد أن تعلقت به وكان نور عينيها أيضا لذلك قررت ألا تتعلق بحب سيد حتى تحافظ عليه ويعيش وما كان منه إلا أن ارتمى فى حضنها وقال لها: «حبينى يا اما ومتخليش الموت يخدنى منك»، كان هذا المشهد بديعا بين نجمين يعرفان جيدا قيمة الفن، وكيف يخلص الممثل لعمله ويعطيه من روحه، وهو المشهد الذى حمل أيضا مفتاح شخصية سيد العجاتى ذلك الضابط المتجهم عابس الوجه، والذى لا تفارق التكشيرة وجهه ومقطب الحاجبين دائما، يشعر بالعجز فى أن يجعل زوجته سعيدة، رغم حبه لها فإنه لا يتوقف عن الغيرة والتى تتجاوز الحدود فى أحيان وتصل إلى الشك. سيد العجاتى ابن السيدة زينب والذى تربى وفى يقينه أنه ليس الولد المفضل وأنه بالنسبة لأمه «كمالة عدد» لم يعرف معنى الحب إلا مع شاهندة -قدمتها بوعى ونضج رانيا يوسف، ولم يستطع التعاطى معها فهو لم يعرف يوما كيف يمنح الحب، سيد المشغول بعمله ورغبته العارمة فى أن ينال من أحمد ربيع الشهير بحمادة غزلان -يجسده باحترافية الفنان سيد رجب، والذى نشعر منذ اللحظة الأولى أن بينهما «تار بايت»، هو أيضا غير قادر على الإنجاب، ضابط آداب شكاك غيور غير قادر على إسعاد من حوله غير قادر على الإنجاب يشعر بعدم ثقة فى نفسه، فهو لم يرتم فى حضن أمه يوما وكل مشاعر الغضب والحدة التى تغطى وجهه وراءها حزن وإحساس عميق بالوحدة. تلك هى مفاتيح الشخصية التى جسدها الفنان الموهوب إياد نصار والذى يتعاطى مع الشخصيات التى يقع فى غرامها بمهارة.

الفنان التشكيلى أو بمعنى آخر كلوحة من الموزايك، يصنع تفاصيلها بشكل دقيق، على المستوى النفسى والانفعالى وأيضا الشكل الخارجى ونبرات الصوت وتلونه من مشهد لآخر وحسب تطورات الأحداث «إياد» يتمكن من الإبداع كلما وجد أمامه نصا دراميا يساعده على ذلك وشخصية واضحة الملامح، وهذا ما توفر له فى نص أسامة أنور عكاشة، وسيناريو مريم ناعوم، وهو ما ساعد الفنان على تقديم دور مميز من أهم الأدوار فى دراما رمضان 2013، حيث إنه فى هذا الدور تعامل تماما على أنه سيد العجاتى تلك الشخصية المليئة بالتناقضات، وكان اللاوعى والوعى فى شخصية إياد الحقيقية قد ابتعد تماما ليحل محله العجاتى بكل تفاصيله وأجمل ما فى هذه الشخصية أنها تحمل روحا تأخذك لأحمد زكى ولكن بطريقة وروح وأداء إياد نصار والذى استطاع أن «يقفل الشخصية» بمعنى آخر ارتقى بالأداء ووصل إلى مرحلة من الإبداع تجعلنا من الصعب أن نتخيل فنانا آخر مكانه، ويبدو أن إياد نصار يصل إلى الكمال الإبداعى مع المخرج المتميز محمد ياسين، حيث سبقا وتألقا معا فى الجماعة للمبدع وحيد حامد.