بلباس أسود ونظارات سوداء نعت فرقة "الراحل الكبير" الغنائية بشكل رمزى التراث العربى من على خشبة مسرح "مترو المدينة" فى العاصمة اللبنانية بيروت، من خلال حفل موسيقى خاص بهم.
"الراحل الكبير" هو اسم الفرقة الموسيقية اللبنانية المؤلفة من 6 أشخاص، فى إشارة منهم إلى أن التراث قد رحل مع وفاة "عمالقة" الغناء العربى أمثال المطربة المصرية أم كلثوم، والملحن المصرى سيد درويش، والمطربة السورية أسمهان، وغيرهم من الأسماء التى لمعت فى أذهان الكثيرين.
وللفرقة الموسيقية بصمة خاصة، طبعت من خلال ملابس أفرادها التى طغى عليها السواد، وعبر الخلفية التى أحاطتهم بكثير من الظلام والقليل من النور، لتتوافق مع فكرتهم الأساسية، وهى نعى التراث.
أما أغانيهم فقد تميزت بأداء ممزوج بين الطربى التقليدى والتعبيرى الحديث.
تقدم الفرقة قطعاً موسيقية وغنائية خاصة بها أو مستعادة من أغانى تراثية قديمة، كما تقوم على تطوير الأفكار توزيعاً وتنفيذاً فى ما يشبه ورشة عمل موسيقية متواصلة.
مؤسس الفرقة خالد صبيح يقول لمراسلة الأناضول إن عمر الفرقة ثمانى أشهر فقط، حيث تأسست بداية السنة الجارية، أما فكرتهم فهى محاولة لإعادة إحياء الأغانى التراثية، ولكن بصورة وآفاق جديدة.
وأشار إلى أنه والفرقة يهتمون بالأغانى التراثية، ولكن لا يمكن تأديتها فى وقتنا الحاضر كما هى لذلك أرادوا بطريقتهم الخاصة إعادة إحيائها مع بصمة حديثة.
وأضاف: "نتناول فى بعض الأغانى التى نؤديها مواضيع اجتماعية اقتصادية وحتى سياسية لمحاكاة الواقع الذى نعيشه".
وعن المظهر الذى طغى عليه السواد والأجواء المعتمة خلال العرض الأول لهم شرح صبيح: "أحببنا أن تكون حفلتنا الأولى أشبه بالعزاء نودع من خلالها التراث وننطلق بمفاهيم جديدة بالغناء".
ساندى شمعون، الفتاة الوحيدة بالفرقة، تقول إنها درست فنون المسرح، وجاءت انطلاقتها الغنائية مع انطلاقة الفرقة، معتبرة أنها استطاعت مع زملائها فى مدة قصيرة جدا "خلق هوية غنائية خاصة بهم بطريقة عفوية جدا".
وطبعت على معظم الأغانى التى أدتها الفرقة طابعاً هزلياً مفعماً بالحيوية وكأنها مشهد من مسرحية غنائية لها معانيها ورسائلها المبطنة.
وللتراث العربى أغنية خاصة تحت عنوان "الراحل الكبير" وتقول كلماتها: "الراحل فوق الكل، وجالساً على الكل، وكاتم على نفس الكل، فالكبير رحل، وليلتنا حتبقى فل (وردة الفل)"، تم تأديتها بطريقة طريفة.
الفلكلور المصرى كان حاضراً بقوة، لاسيما مع أغانى تراثية أمثال: "سايس حصانك" للشيخ إمام، أو "حتجنن يا ريت" لسيد درويش.
أما الأغنية التى لاقت ترحيباً وهتافاً من قبل الجمهور فهى: "دونت مكس" (Don’t Mix أى لا تخلط)، والتى ترمز للرئيس المصرى المعزول محمد مرسى، (إذ ردد مرسى هذه العبارة فى مؤتمر صحفى له لتصبح كلمة شائعة خاصة به تناولها المصريون بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعى بسخرية) إذ يؤكد مؤسس الفرقة صبيح أنها لا تستهزئ من لغة الرئيس، وإنما من وقائع موجودة فى الحياة الاجتماعية العربية.
وتقول كلماتها: "سمك ولبن.. دونت مكس دونت مكس، عسكر وسياسة دونت مكس دونت مكس".
من جهته، اعتبر الكاتب السورى نجيب نصير أن "الفرقة ناجحة جدا إذ إنها أظهرت دقة ومرونة فى عملها وفى اختيار أغنياتها".
وطالب فى حديثه مع مراسلة الأناضول من أعضاء الفرقة أن تؤدى فى المستقبل أغانى للمطرب والملحن المصرى سيد مكاوى على اعتباره رمزاً من رموز الأغنية التراثية.
الممثل اللبنانى طلال الجردى اعتبر فى حديثه مع للأناضول أن العرض الذى قدمته الفرقة الغنائية كان فريداً من نوعه ومميزاً، خاصة أن تصرف الشبان على المسرح بدا طريفاً وفى الوقت نفسه حافظوا على خصوصية ما يؤدنه.
وشارك الجردى الفرقة الغنائية بعزائهم وترحم على التراث العربى قائلاً وهو يبتسم: "الله يرحموا" (أى التراث العربى).